مقالات

تلك أمانيهم

مات ڤايد صالح مثلما يموت جميع الذين كُتبت لهم الحياة من قبل. النبيون ماتوا والفراعنة أيضا ماتوا  ومن بقي منهم سيموت بلا أدنى شك. وفي كل مناسبة مماثلة يتفرق الناس بين مترحم ولاعن أو محايد، فكم قرأنا وسمعنا أناسا يقررون (نيابة عن رب العالمين) أن هذا الطاغية شهيد وهو يتنعم في جنات النعيم أو أنه في نظر آخرين يتعذب في قبره في انتظار أن ينبذ في الحطمة، تماما مثلما يختلف نفس البشر في المصير الذي يلقاه عبد صالح بعد قبره. لا أناقش هنا هذه الانشطارات في وجهات النظر، لكني فقط أتمنى أن يفهم الجميع ويعلموا علم اليقين أن قرار إدخال الإنس والجن النار أو الجنة لا يمكن أن يكون في يد هيئة محلفين أو أي بشري كان، بل هو فقط بأمر من خالق البشر والسماوات والأرض وحده ولا شريك معه. لا أعتقد أن مخلوقا كتب الله له الجنة سيدخل النار لأن البشرية جمعاء اجتمعت على لعنه ليل نهار، تماما مثلما أن آخر أمر الله أن يصلى عذاب النار سيتحول إلى الفردوس لأن هناك أربعين مليون يدعون له بالرحمة ومليونين يخففون من ذنوبه (والإحصائيات ليست من عندي). طبعا، لا يمكن لأحد أن يمنع أحدا من أن يتمنى أو حتى يقوم الليل والنهار دعاء لهذا أو ذلك بالجنة أو النار، فهذا اختيار متاح لكل فرد.

لكن ليتأكد الجميع أن مصير ڤايد صالح صار الآن بيد خالقه وحده ووحده فقط، فإن شاء رماه في النار وإن شاء حوله إلى النعيم المقيم، والباقي كله يبقى في خانة أمنيات أو أوهام قد تلتقي مع أمر الله عز وجل أو تختلف معه، لكنها بدون أدنى شك لا تؤثر فيه سلبا ولا إيجابا.

ڤايد صالح تحمل مسؤوليات واتخذ قرارات وعمل طيلة حياته أعمالا يراها البعض أنها أعمال صالحة ويراها آخرون أنها أفعال خبيثة ظالمة، ولكلٍّ أدلته وقناعاته، لكنها تظل دائما أدلة وقناعات بشر لا يمكنهم أن يحيطوا بكل شيء علما. وفي مثل هذه الأحوال ليس علينا كبشر إلا أن نفهم الموت كما وضعه الله لنا مثلا، أن نعتبر منه ونعمل من أجل حجز تذكرة في الجنة أو في النار. والطريق إلى الجنة، مثله مثل صراط الجحيم، هو واضح المعالم والشروط، الإيمان والعمل الصالح هما وحدهما الدليل.

ڤايد صالح قد يكون من الآن في نعيم مقيم أو ربما في جحيم مهين، أو لعله لا يزال ينتظر مصيره. لا يمكن لأحد أن يخبرنا يقينا بما هو حاصل له الآن ولا لمعظم خلق الله، كما أنه ليس بمقدوره أن يخبرنا بما هو حاصل له. لذلك فالأفضل والأسلم لنا أن نهتم بما هو أنفع لنا وأسلم.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى