أرشيف زاد دي زاد

المروكي

كلمة سرعان ما دخلت قاموس الحراك الشعبي في الجزائر بعد تأكيد الترشح الرسمي لعبد العزيز بوتفليقة للانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل المقبل. شوارع الجزائر صارت تضج عند كل تجمع أو تظاهرة ضد العهدة الخامسة بعبارة “بوتفليقة يا المروكي ماكانش عهدة خامسة”. ولمن لا يفقه كثيرا من اللهجة الجزائرية فإن “المروكي” معناها “المغربي”.

الجميع يعلم أن بوتفليقة ولد في مدينة وجدة المغربية، وقد كان كثير من أبناء الشعب الرافضين له يصرون على التأكيد أنه ليس جزائريا ولا يستحق أن يحكم البلد وفقا لذلك. إلا أن هذه هي المرة الأولى التي تنتشر فيها هذه (التهمة) لتتحول إلى (معزوفة) تتردد في الشوارع وفي الملاعب وتتناقلها بالصوت والصورة وسائل الإعلام ومختلف وسائط التواصل الاجتماعي.

الكلمة لم تجد قبولا لدى الأوساط المثقفة، لكنها أيضا لم تقابل بأي انتقاد يذكر لدى الطبقة السياسية والإعلامية في الجزائر، رغم ما تكون سببته من إحراج لها إزاء الجيران المغاربة. كما أنها لم تحظ لحد الآن (على حد علمي) باهتمام أكاديمي أو إعلامي لمحاولة فهم سبب تداول هذه الكلمة بهذه السرعة وانتشارها في أوساط الشباب الجزائري الغاضب ودخولها القاموس السياسي الشعبي.

أنا شخصيا لا أدعي كبير إلمام بملابسات مثل هذه “القفزة النوعية” في مهاجمة فخامته، لكني أتوقع أن تكون هذه الكلمة أشد وقعا في نفسه (إذا كانت له فرصة سماعها) وفي نفس أشقائه من الركلات والحرق والتمزيق الذي تعرضت له صوره المعلقة في الساحات العمومية وحتى في بعض المؤسسات الرسمية.

وإذا كان لا بد من قراءة لكل هذا فإنني أرى أن ذلك لا يخرج من أحد الاتجاهين، الأول هو أن هؤلاء الغاضبين أرادوا أن يفهموا بوتفليقة أنه لم يعد في رأيهم يستحق لقب المواطنة وتبعا لذلك فهو ليس مؤهلا لحكمهم، أو أنهم يقولون له إن الأذى الذي ألحقه بهم لا يمكن أن يصدر عن إنسان جزائري.

والثاني هو أن آل بوتفليقة قد تخطوا السطر الأحمر عندما قرروا الاستمرار في فرض أخيهم الأكبر حاكما رغم الحالة المزرية التي يوجد عليها، وكأن الشباب هنا يقول إنكم أخطأتم العنوان، وإذا أردتم حكما ملكيا فمكانكم بالتأكيد ليس الجزائر.

وبعد كل هذا وذاك فلا بد هنا من التأكيد على نقطة هامة، وهي أن عبد العزيز بوتفليقة يجني في نهاية مطاف حياته ثمرة بذرة كان قد ساهم في زراعتها على تربة الجزائر منذ سنوات الاستقلال الأولى. فقد جعلوا من المغرب ومن المغاربة عدوا لدودا واستثمروا في تلك السياسة لأزيد من خمسة عقود، والنتيجة هي أن أصبح الانتماء (المروكي) علقما يسقى به صانعوه.


المقال نشر يوم 25-02-2019

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى