بوتفليقة والأفلان.. السؤال المحير!

نقلت صحيفة “البلاد” عن عضو اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني والسيناتور عبد الوهاب بن زعيم قوله إن عبد العزيز بوتفليقة لا يزال رئيسا للحزب إلى غاية انعقاد المؤتمر القادم، وعندها سيتقرر إن كان سيبقى أم لا.
صحيح أنني بعيد عن قاعات التحرير الجزائرية منذ 15 عاما وصرت مؤخرا لا أطلع على وسائل الإعلام إلا نادرا، لكني أعتقد أن قواعد العمل الصحفي وأهمية احترام الصحفيين لذكاء المتلقي تستدعي حدا أدنى من الاجتهاد والاهتمام. وانطلاقا من هذا الأساس أستسمح نفسي لأسأل الذي فكر في إثارة موضوع مثل هذا: هل تعتقد حقا أن أحدا في الجزائر قاطبة يهمه أن يعرف إن كان بوتفليقة لا يزال رئيسا لحزب جبهة التحرير الوطني؟ بل هل هناك أحد، بمن فيهم مناضلو حزب جبهة التحرير، يصدّق حقا أن بوتفليقة كان يوما رئيسا لهذا الحزب؟
دعونا نساهم قليلا في تضييع الوقت، على أمل أن نربح مستقبلا كثيرا منه، فنذكّر من يهمه أمر كهذا أن بوتفليقة لم يكن يوما رئيسا للحزب ولم يكن يهمه أبدا أن يتولى هذا المنصب. وكل ما في الأمر هو أن المتملقين قرروا من عند أنفسهم أن ينصبوه وقتها “رئيسا شرفيا” للحزب، ومع مرور الأعوام صدّق هؤلاء الكذبة وحذفوا الصفة الشرفية ليصبح بوتفليقة بين عشية وضحاها رئيسا للحزب.
أما إن كان ولا بد من إثارة هذا الموضوع، فأرى أنه كان حريا بالذي يهتم لأمر بوتفليقة وعلاقته بالحزب أن يسأل السيناتور سؤالين لا ثالث لهما:
- هل في القوانين الداخلية للحزب مادة تنص على أن ضمن هياكل الحزب منصب عنوانه “رئيس الحزب”؟
- كم مرة زار رئيس الحزب مقر الحزب، وكم مرة حضر اجتماعا لقيادة الحزب، وكم مرة أدار نشاطا باسم حزب جبهة التحرير الوطني؟
بعدها ستكتشف أن الأمر لا يعدو أن يكون مهزلة كان فيها الجميع يضحك على الجميع. بل لعلك تذكر أن هذا الذي نصبوه قبل أشهر خليفة لولد عباس قال عندما اشتدت حمى المظاهرات الشعبية إن الحزب لم يكن يوما يمارس الحكم، وأن الحكومة كانت تسيرها أطراف أخرى. تمنيت حينها لو ذكّره أحد الصحفيين أن الآمر الناهي في الحكومة هو رئيس الحزب.
وقتها قد يتفطن بوشارب إلى المهزلة ويعترف بأن هذا المنصب كان فقط للضحك على الغاشي، تماما مثلما كان النظام يستهزئ بكل شيء في هذا البلد.
وقبل أن ننهي مضيعة الوقت هذه، أود أن أطمئن كل من يؤرقه السؤال المطروح على السيناتور وأيضا مصير بوتفليقة في الحزب بالقول إن الأمور إذا تمت وفق ما تقتضيه إرادة شباب 22 فبراير، فإن الحزب لن يجد وقتا لبحث هذه المسألة الشائكة، لأنه باختصار سيكون قد تلاشى هو الآخر من الساحة مثلما تلاشى رئيسه المزعوم. لكن تأكدوا أيضا أن فخامته إذا رحل عن هذا العالم فإنه سيصبح رئيسا لحزب الغول، ولن أستطيع أن أجزم إن كان سيضع على رأسه تاجا أم لا.
المقال نشر يوم 07-04-2019