تحدياتي لأنغيلا ميركل

منذ أكثر من أسبوع وأنا أبحث في الصحف والمدونات وأتابع الفضائيات ومواقع الأحزاب السياسية الجزائرية المعارضة وحسابات رؤساء هذه الأحزاب لعلي أجد أحدهم ردّ على التحدي الذي أطلقه عليهم الأمين العام للحركة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس، لكن للأسف الشديد لم يجرؤ أحد على رفع التحدي.
مع أن الأمر كان بسيطا، فقد تحداهم أن يرفع أحدهم صوته أو قلمه منددا بترشح المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل لولاية أو عهدة أو فترة رابعة.
ذكّر عمارة بن يونس، في تصريح مصوّر (الفيديو أدناه من قناة البلاد)، بالضجة التي صاحبت الدعوات التي أطلقت من أجل عهدة رابعة لصاحب الفخامة عبد العزيز بوتفليقة، وقال إن القيامة قامت لما بدأ أنصار فخامته (وهو كان منهم) بتهيئة الرأي العام الجزائري للعهدة الرابعة، وكان هؤلاء المعارضون يصفون هذه الخطوة بالديكتاتورية وبأنها متعارضة مع أسلوب الحكم الديمقراطي.
ثم أطلق بن يونس تحديه بهذه العبارة: “أتحدى الناس، وخاصة الصحافيين الجزائريين والمسؤولين السياسيين الجزائريين الذين كانوا ينتقدون آنذاك العهدة الرابعة، لماذا لا ينتقدون العهدة الرابعة لأنغيلا ميركل في ألمانيا؟ هل لأن ألمانيا ألمانيا والجزائر جزائر؟ إذا سمحنا بالعهدة الثالثة والعهدة الرابعة في ألمانيا لا بد أن نتقبلها في الجزائر”. انتهى نص التحدي.
ومع أنني لم أكن يوما من المنددين بالعهدة الرابعة لفخامته، بل بالعكس كنت أتوقع له عهدة فوق عهدة، وقد وصل بي “التحدي” إلى أن تمنّيت له أن يستمر في حكم الجزائر حتى وهو في قبره (بعد عمر طويل طبعا)،
لكني مع ذلك قررت أن أستجيب لدعوة عمارة بن يونس وأن أطلق بعض القذائف في وجه أنغيلا ميركل، مع أنني لا أعرف لماذا يريد ذلك هذا الرجل.
نعم، هل أنذا أندد بقرار ميركل الترشح لعهدة رابعة وأرفض ذلك بشدة.
قولوا لي بربكم أية لدغة أصابت هذه المرأة حتى تتخذ مثل هذا القرار السخيف؟ أم لعلها قالت في نفسها هي الأخرى ما دام الرئيس الجزائري فعلها والعالم راض به فلماذا لا أقتدي به أنا أيضا؟ لكن المسكينة لا تدري أن المقارنة بينها وبين صاحب الفخامة لا تصح، بل هي مستحيلة.
هل تدري أنغيلا ميركل أنها بإعلانها النية في الترشح لولاية رابعة قد دخلت نادي الديكتاتوريين بامتياز؟ لا تقولي لي رئيسكم كذلك ديكتاتوري، لأن الرد جاهز: رئيسنا لم يجرؤ أبدا على إعلان ترشحه للعهدة الرابعة ولا حتى للعهدة الأولى، بل كان ذلك أولا بضغط وإلحاح من الجنرالات حماة الوطن ثم تحول الأمر إلى مطلب حزبي وشعبي يستحيل معه أن يقول فخامته: لا.
طبعا لم يكن ذلك طمعا في منصب ولا جاه ولا مصلحة، بل كل ما فعله وما زال، هو من أجل الوطن والمواطن أولا، ومن أجل البشرية ثانيا.
قولي لنا أيتها الميركل، أين شعبيتك من شعبية صاحب الفخامة؟ أتحداك أن تخرجي لنا من صلب الألمان حزبا سياسيا غير حزبك يساند ترشحك لولاية رابعة.
أما نحن، إن كنت لا تذكرين، فإن الأمر لم يتوقف عند أحزاب الائتلاف التي ضحى زعماؤها بطموحاتهم من أجل أن يكون صاحب الفخامة بوتفليقة هو رئيس الجزائر ورئيسهم الشرفي.
تريدين أن أجمّد الدم في عروقك؟ ليس فقط أحزاب الائتلاف، بل حتى أحزاب المعارضة تخلت عن أنانيتها وطموحاتها من أجل خضرة عيون الزعيم.
وحفاظا على سلامة الانتخابات الألمانية فإنني لن أكلمك عن تلك الأحزاب التي لم تكن شيئا مذكورا، وبعد جهود وجهود تأسست وتقدمت للحصول على اعتمادها ثم بعد ذلك مباشرة أعلنت ولاءها لفخامته واعترفت أنها غير ذات قيمة من دون أن يضع زعماؤها صور صاحب الفخامة وراءهم كتأكيد على أنهم صاروا رقما صعبا في المعادلة السياسية للبلاد.
ولن أخوض في الحديث عن مكانة الجزائر ومكانة ألمانيا بين الأمم، لأن ذلك من تحصيل الحاصل. الجزائر باتت الآن بعيدة جدا عن ألمانيا، والفضل في ذلك يعود بطبيعة الحال إلى فخامة الرئيس بوتفليقة (وحده لا شريك له) وإلى سياسته الحكيمة التي ينير بها درب الجزائر والجزائريين ويشق بها طريقهم نحو المجد والعلا.
واحمدي ربك يا ميركل أن فخامته يمر بوعكة صحية حرمتنا من صولاته وجولاته في ربوع الجزائر وفي أصقاع العالم (باستثناء فرنسا بطبيعة الحال).
ولكن لا تفرحي كثيرا لأن الزعيم الجديد لحزب جبهة التحرير الوطني، وهو طبيب بالمناسبة ورجل كلامه كله سليم وموزون واسمه جمال ولد عباس، قد بشّرنا قبل أسابيع أن فخامته سيُبعث من جديد وسيقف على قدميه ويعود إلى سابق عهده.. يا بُشرانا هذا هو الكلام.
ماذا أيضا؟ تريدين أن أتحداك أيضا في موضوع نزاهة الانتخابات؟ أشك أن تصل ألمانيا إلى ربع النزاهة والشفافية التي تتمتع بها الجزائر وإن لم تصدقي فاسألي الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي، بل حتى الملاحظين الذين أوفدهم الاتحاد الأوروبي الذي تنتمين إليه، وسيخبرونك عن الحرية التي يتمتع بها الجزائريون في اختيار رئيسهم ونوابهم في البرلمان ورؤساء بلدياتهم.
عهدي بعمارة بن يونس أنه من خلفية علمانية لا يعترف كثيرا ببعض تعاليم الشريعة الإسلامية، وإلا كنت همست في أذنه أن أريدك أن تستبشر خيرا بترشح أنغيلا ميركل لولاية رابعة وتتمنى لها أربع ولايات أخر من بعد ذلك، لأنه كلما زاد عدد ولاياتها كلما كان نصيب صاحب الفخامة مثلها مرتين، فللذكر مثل حظ الأنثيين.
أتمنى أن يفرح وزيرنا السابق بهذه المعلومة وأن أكون سببا في توبته عن العلمانية حتى نراه يوما ما شيخا واعظا يدعو إلى عهدة عاشرة لفخامة الرئيس، وما ذلك على العزيز بعزيز..
المقال نشر يوم 04-12-2016