ارشيف المدونة الخاصة

طلاسم ڤايد صالح

الجزائر محظوظة بشعبها، والجيش الوطني الشعبي أيضا محظوظ بشعبه.. هكذا قال قائد أركان الجيش الجزائري الجنرال أحمد ڤايد صالح الذي حطّم الرقم القياسي في عدد خرجاته، منذ انطلاق ثورة الشباب الجزائري ضد النظام الحاكم وأزلامه.

الجنرال ڤايد صالح بدأ معزوفته مستفزا للشعب ومهددا له، في مسعى وفيّ لمساره الذي دأب عليه منذ اختيار بوتفليقة له نائبا لوزير الدفاع. فلم يكن مختلفا عن باقي زمرة المنتفعين والانتهازيين السياسيين والبزناسيين. كان داعما ومدافعا شرسا عن تأبيد صاحب الفخامة رئيسا على الجزائريين، ولم تكن أذناه تلتقطان أي إشارات من تلك الآهات التي لم يسمعها بوتفليقة نفسه إلا من جنيف.

أكيد أن ڤايد صالح شطب عبارات الوعيد والاستخفاف بالشعب من مصطلحاته الأخيرة، لكنه لا يزال لحد الآن تائها بين أن ينزع عنه غشاوة السلطة أو أن يستمر مواكبا لنزوات المتنطعين الذي يحاولون أن يجدوا في ضجيج الحراك الشعبي ما يطمئنون به أنفسهم أنهم والشعب على نفس موجة الترددات.

وإذا كان لي من شيء أقوله لهذا الجنرال ومن على شاكلته فهما نصيحتان، واحدة عامة والأخرى خاصة. الأولى أن يكف هؤلاء الأقوام عن الاستمرار في معزوفة وضع الشعب دائما في طرف وباقي مؤسسات الدولة في طرف آخر، ذلك أن هذه المؤسسات تضم أيضا الشعب وليست هناك مؤسسات على مسافة من الشعب، بل هناك أشخاص مارقون اختاروا طواعية أن ينفصلوا عن الشعب وأن يحتموا بتلك المؤسسات الشعبية التي اغتصبوها واستفردوا بها لحماية مصالحهم الذاتية وإشباع شهواتهم. ليست هناك جزائر محظوظة بشعبها ولا جيش محظوظ بشعبه، بل هناك شعب يريد أن يستعيد جزائره وجيشه وجميع مؤسسات الدولة التي لم تخلق إلا لتكون أدوات لخدمة الشعب، وإذا فقدت فيها هذه الخاصية فلا حاجة للشعب بها.

أما النصيحة الخاصة للجنرال ڤايد صالح فهي أن يطرد عنه فكرة الخروج أمام الملأ لقراءة خطب تضعه هو والمستمع إليها في حرج، فلا هو يفقه ما يقول ولا المتلقي يفلح في فك طلاسمها. وإليك إذا لم تفهم جيدا آهات الشعب المدوية في الفضاء، فإنه يطلب منك أن تتلاشى أنت وخطبك حتى يتسنى لحركة التاريخ أن تعدّل مسارها في الجزائر. أما إذا كنت مصرا على الاستمرار فلك في فخامته أسوة حسنة، ابعث للشعب برسائلك مكتوبة أو كلف أحدا قادرا على تلاوتها بأسلوب مفهوم على الأقل.


المقال نشر يوم 11-03-2019

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى