ارشيف المدونة الخاصة

مناصرة يعفو عن الرئيس باسم الشعب

عبد المجيد مناصرة، سليل حركة المجتمع الإسلامي (حماس)، يدلي بدلوه في الحراك الذي يهز الجزائر. الرجل بقي وفيا لمدرسة الضباب السياسي التي تخرّج منها متفوقا، وهو الآن يضرب على كل الأوتار بطريقة يعتقد أنها ستجعله آمنا عند كل فصيل.

لست هنا لألومه ولا لأقنعه بضرورة التخلي عن سياسة “التبهليل”، فهي كما قلت جزء من تربيته والتخلي عنها معناها الانتحار، وأنا شخصيا لا أنصحه بذلك لأن هذا فعل “حرام” والأفضل أن يستمر حتى تأتي الوفاة الطبيعية.

مناصرة أدلى بحوار مدوّخ لصحيفة الخبر، تصريحات تبعث على الغثيان من شدة حدة اهتزازها. فهو في فقرة واحدة يقول للشعب أحسنت في حراكك، ويكاد يبكي من أجل أن يهدي الله الرئيس ويخرج مشرفا وسالما، ثم يتنقل بسرعة فائقة نحو الجيش لينصحه بالتدخل فورا ومن دون تأخير. وللقارئ الذي يحاول أن يتابع تفاصيل الحوار أقول له لا تفعل لأنك أولا لن تفهم شيئا وثانيا الكلام ليس موجها إليك أبدا.

لهذا فإنني، في هذه الأسطر، لن أتوقف إلا عند نقطة واحدة وردت ضمن جواب عن السؤال الخامس من الحوار، يتوجه فيها مناصرة بنصيحة “صادقة” إلى بوتفليقة من أجل الاستمرار في منصبه إلى نهاية عدّته الرسمية، وكل ما عليه أن يفعله خلال ما تبقى له من أيام إلى حين بلوغ الأجل هو أن يضع بصمته في مشوار المستقبل السياسي الجديد للجزائر. وإذا فعل هذا فإن مناصرة يعاهده أن يبقى مخلدا ومحترما في ذاكرة الجزائريين. ليس هذا فحسب، بل إنه سيضمن له باسم الملايين أن الشعب سيصفح عنه كل سيئاته التي ارتكبها في حق الشعب على مدى سنوات حكمه.

أحيانا أجد نفسي تائها في كيفية التفاعل مع خريجي المدرسة النحناحية. هل يكون التحدث إليهم باسم الدين الذي يحملون رايته بيسراهم، أم وفق منطق السياسة من منظور السلطة التي يتشبثون بتلابيبها بيمناهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا؟ في الجانب الديني نجد كثيرا من الآيات القرآنية التي تنهانا عن التغطية على أعمال الظالمين، ناهيك عن المشي في صفوفهم. بل هناك أيضا حديث يروى عن الرسول عليه السلام ينهى فيه عن “بيع ما لا تملك”، وأعتقد هنا أن تقديم أي ضمانات لأي شخص في شأن أنت لست معنيا به وحدك يندرج ضمن هذا الصنف من البيوع المحرّمة. أما إذا انتقلنا إلى السياسة فلنا أن نسأل مناصرة: هل ضمنت أنت صك غفران من الشعب حتى تمنحه لغيرك؟

الشعب الآن يهتف برحيل الرئيس والعصابة التي دعم بها أركان سلطته، وأيضا بضرورة الانتقال بالجزائر إلى نظام حكم جديد لا مكان فيه لأي بصمة يضعها فيه بوتفليقة. أما الكلام عن الصفح والاحترام والمحاسبة فهذا ليس وقته وليس من صلاحية أي شخص أن يصدر قرارات ووعودا بشأنه بدلا عن صاحب الحق في ذلك.


المقال نشر يوم 20-03-2019

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى